بقلم د٠ رمضان علي منصور
النقد في حضرة النص مريد يبغي الوصول إلى المحال ولقد سوأ النقاد العلاقة بين النص والنقد فأصبح الناقد باحثا عن العيوب والمميزات أخيرا فلم تصبح العلاقة بينهما سوى علاقة مغتاب أو منافق .
وقد تسببت النظريات المعلبة والمستوردة في هدم القاعدة النقدية وإحلال قاعدة غربية لا تتصل بالمبنى والمعنى العربي .. هذا ما دعا الصادقين إلى محاولات التفتيش في الأوراق للبحث عن العلاقة التي يمكنها أن تربط النقد الغربي بالأدب العربي وتقوم هذه الدراسة على استجلاء ( العلاقات النصية ) في ديوان ( الورد يحلم بالسفر ) للشاعر إبراهيم خليل إبراهيم الذي كتب هذا الديوان الشعري الثالث بعد ديوانيه ( قلبي على بابك ) و( إحكي وقول يا ورق ) هذا إلى جانب كتاباته المتعددة في النقد مثل : ( رؤي إبداعية في شعر المرصفي ) و ( الحب والوطن في شعر فاروق جويدة )
أما مؤلفاته عن الذين أثروا في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والمصرية والعربية فجاءت في مؤلفات عدة منها :
• موسوعة حلوة بلادي ( جزءان ) .
• موسوعة أغنيات وحكايات ( جزءان ) .
• أصوات من السماء .
• العندليب لا يغيب … وغيرها.
وقد تميز الشاعر بكتاباته المصرية الخالصة عن أبطال ( حرب أكتوبر ) وهى ساحته ومساحة كتبه فقد ألفَّ فيها عددا كبيرا يتجاوز العشرين مؤلفا مما جعله بطل الكتابة عن أبطال أكتوبر وهذا ما جعله أستاذا مقدما في المحافل الثقافية والمنتديات والمؤتمرات وجعله نجما لامعا حقيقيا في الإذاعات وعلى الشاشة الفضائية .
ولذا فكثيــر مـــن المؤسســات تســــعد بعضويته كاختياره رئيسا لتحرير سلسلة عزف القلم ورئيس لجنة المقال بقناديل الفكر ومحررا بمجلة اتصالات المستقبل وصحيفة آلو مصر وجريدة المحور الدولي والأهرام المسائي .. وغيرها الكثير .
وكذا عضوياته المتعددة في نقابة الصحفيين واتحاد الكتاب بمصر واتحاد الكتاب والمثقفين العرب والاتحاد العالمي للشعراء والمجلس العالمي للصحافة ورابطة الزجالين ورابطة أدباء الشام واتحاد كتاب الانترنت العرب والاتحاد العالمي للإعلام الإلكتروني ..
هذا العدد من العضويات كان نتيجة لتجربة كاتب مثابر يصدق الفعل قبل القول ويجتهد للوصل إلى هدفه وكان هدفه محددا في إعطاء كل ذي حق حقه ..
وضع نفسه في المسئولية وكان على قدرها فكتب عن أبطال صنعوا المعجزات فوق الرمال وعلى المياه وفي طبقات الجو المتعددة وكتب عن الذين أدركتهم حرفة الفن فعاشوا يخدمون وطنهم بما وهبهم الله كما تناول شعر غيره مؤثرا القوم على نفسه .. مبرزا اهتماما بأبناء بلده المتفوقين في الشعر والذين قدموا أنفسهم وأموالهم لربهم رغبة في الجنة والرضوان .
ويأتي ديوان ( الورد يحلم بالسفر ) كتجربة تحويلية في حياه الكاتب إبراهيم خليل إبراهيم .
ويتكون الديوان من سبع عشرة قصيدة بعد الإهداء يبدأ بقصيدة ( قارب الدموع ) وينتهي بقصيدة ( نبض الوريد ) وقد تنوعت البحور الشعرية في الديوان فمنها ما جاء على الرجز مثل : ( غوصي بقارب أدمعي )
ومنها ما جاء على الوافر مثل ( أتيت إليك تسبقني خطواتي ) ومنها ما جاء على الكامل مثل ( وبحثت عنك بأعين فيها الدموع ) ومنها ما جاء على الهزج مثل ( حماك الله يا مصر ) ومنها ما جاء على المتقارب مثل ( فلسطين أرضي وعمر الحنين ) ومنها ما جاء على المتدارك مثل ( العالم في صمت مغرق ) ومنها ما جاء على الرمل مثل ( أذكروني يا رفاقي ) فاستخدم الشاعر التفعيلات كلها تقريبا.
فاستخدم ( مستفعلن – مفاعلتن – متفاعلن – مقاعيلن – فعولن – فعلن – فاعلاتن ) وهى أوزان البحور ذات التفعيلة الواحدة وهذا يعني اهتمامه بالوزن العربي في صيغته الأصيلة معترفا بضرورة بقاء أوتار العود حيث لو نزعت أوتار العود لتحول إلى قطعة خشب ينقر عليها الجهلاء ويبتعد عنها العازفون النبلاء .
وسوف يأتي التناول للديوان بنظرية عربية جديدة في محاولة لإيجاد نقد أدبي عربي جديد
كما كان عند أجدادنا نقد عربي بهر الناس جميعا في عصر الجرجــاني والجمحــي وابن طباطـبا العلـــوي وتعلم الأوربيون الدرس وترجموه وقدموه على انه نظريتهم الخاصة كما هو شأن الشكلية الروسية والبنيوية الفرنسية والتوليدية كالأنجلو أمريكية .
وقد اخترنا لهذه النظرية اسم ( نظرية العلاقات النصية ) نحو نظرية عربية وتم تطبيق هذه على النص الأدبي العربي قديما وحديثا إلا أن درجة الانتشار لم تتسع حتى الآن بالتناسب مع المجهود المبذول فيها :
وتقوم الدراسة على تناول ديوان ( الورد يحلم بالسفر ) في نقاط عدة هى :
1- العامل النصي والحضور الجديد .
2- المتوالية النصية وشبكة الترابط .
3- الإيقاع وعناصر التشكيل .
أولا : العامل النصي والحضور الجديد
يقصد بالعامل النصي في أبسط تعريفاته ( الكلمة في النص بعد اختيارها من المعجم اللغوي العقلي وأسباب اختيارها ) حيث إن الكلمة في المعجم اللغوي لها معنى أو عدة معان محددة وهذه المعاني متفق عليها بين المستخدمين والمتلقين للغة وحينما يستخدم صاحب اللغة المفردة فإنها لابد أن تخضع لخطابه فإذا استخدمها بمعناها المتعارف عليه فإنه ينقل خبرا أو حدثا أو تاريخا وإذا استخدمها قاصدا تحميلها بتوجيهات مغايرة ويريد إبلاغ رسالته في شكل جمالي مبتكر فهنا تتحول الكلمة من معناها المعجمي لتصبح عاملا في النص .
والكلمة المستخدمة على كل الأحوال تحمل معنى الثنائية فهناك مرسل ومستقبل وهناك ملق ومتلق وهناك مخاطب ومخاطب أما الكلمة في الأدب فسوف تحمل توجهات جديدة بجوار الثنائية مثل الحضور الجديد الذي جعل الكلمة تتطور وتنمو وتأخذ حيزا أكبر عن حيزها في المعجم وهذا ماسوف أدرسه في ديوان ( الورد يحلم بالسفر ) حيث قام الشاعر إبراهيم خليل إبراهيم بتأهيل الكلمة لتفويضها بالاتجاه إلى الهدف الجديد المعلن
فالكلمة في النص ضرورة نصية لا بالوجود ولا بالحذف ولا بالتأويل ولكن تنبع هذه الضرورة من ترابطها مع غيرها بخيط عريض أو رفيع وفي كلتا الحالتين لابد أن يكون الخيط متينا .